بينما أنا اليوم أصحح أوراق اختبار شهر نوفمبر لطالباتي الكريمات، الصف الثامن أساسي، في مادة اللغة العربية، استوقفتني ورقة الطالبة /رُبى ، حيث كتبت في ورقة خارجية ألصقتها بنهاية ورقة الأسئلة : لك مني الشكر والتقدير أستاذ فؤاد على مجهودك معنا، ومثابرتك.. لا أنسى ما تبذله من جهد داخل الصف، أتمنى التوفيق والنجاح، لأنني بالأمس كنت مريضة لم أتمكن من المراجعة بشكل جيد.. شكرا..
طبعا هذا الاعتذار، ذكرني بكتابة طالب في الصف السادس قبل عشر سنوات – تقريبا – في محافظة المهرة، حيث كتب ذلك الطالب اعتذار في نهاية ورقة الأسئلة، حيث كان ملخص كلامة “أنه يتوقع الرسوب، ولكنه يرجوني بكتمان نتيجته، وعدم إذاعتها أمام زملائه حتى لا يكون مسخرة لهم.. ”
وأيضا تذكرت قبل سنوات وأنا أدرس تلاميذ الصف الخامس كتب لي أحد التلاميذ في نهاية ورقة الأسئلة : عفوا يا أستاذ لا ترّسبني، فأمي ليست معي، أمي مطلقة.. لا أحدا يساعدني في البيت.. وقبل خمس سنوات- تقريبا- سلمت ورقة الاختبار بعد تصحيحها لأحد الطلاب، فرأى نتيجته متدنية فظل يبكي دون انقطاع، فحاولت معرفة بكائه الشديد، فقال لي : أبي سيضربني ضربا شديدا..
هذه الكتابات ليست عبثية، فهي صادرة من إنسان صغير يحتاج من يفهم مشكلته، ويساعده، ليتخطى ما يمكن أن يعيقه.. أتوقع أن 3% فقط من الطلاب هم من يستطيعون البوح بمشاكلهم، و97 % لا يستطيعون التعبير عن مشاكلهم، ويفضلون الكتمان على عرض ما يعانون..
فالواجب على الآباء والأمهات تقبل نتائج أبنائهم وبناتهم بصدور رحبة، وعدم مطالبتهم بدرجات عالية، مع الاهتمام بهم. المعلم هو الآخر، فدوره أهم، وقربه من الطالب يجعله أكثر معرفة بمستواه، والمعلم الناجح هو من يتقمص شخصية الأب، والأم، والطبيب النفسي، و المختص الاجتماعي، ليتمكن من معرفة مشاكل الطالب، وحلها.. طالب اليوم هو قائد الغد، وطالبة اليوم هي طبيبة، ومعلمة، وربة بيت الغد.. فالاهتمام بهم هو التمهيد لمستقبل أفضل، وغد مشرق بحول الله وقوته..
تم ايقاف التعليقات post